قانون الإلتزامات والعقود "نظرية العقد"
مصادر الالتزام في القانون المغربي |
الفرع الثاني: تكوين العقد
" التراضي هو توافق إرادتين أو أكثر بهدف إحداث أثر قانوني" ولا يعد موجودا إلا في تطابق إرادة العاقدين وأن يكون تراضيا صحيحا صادرا من شخص ذو أهلية غير مشوب بإحدى عيوب الرضا.
وجود التراضي
لوجوده لا بد من وجود إرادة بإبداء أول طرف موافقته في صورة إيجاب يقبله الطرف الثاني، فيتطابق الإيجاب بالقبول ليحصل التراضي.
1- وجود الإرادة : لوجود الإرادة لا بد من توفر الرضا لدى كل طرف في العقد وتعني الإرادة وعي الشخص لما يقصده، وبالتالي الصغير غير المميز أو فاقد الوعي إرادتهم منعدمة ، وبما أنها تتجه لإحداث أثر قانوني لا يعتد بإرادة الهازل.
2- كيفية التعبير عن الإرادة : يمكن التعبير عنها كتابة أو لفظا أو إشارة أو عملا ماديا إلا ما استثني بنص.
أ -التعبير الصريح عن الإرادة "هو الذي يعكس إرادة صاحبه بطريقة مباشرة ومن غير حاجة لإعمال الفكر أو الإستنتاج" تتم بالكتابة أو القول وكذا بالإشارة كرفع الرأس عموديا في العرف، ولإشارة المفهومة أو موقف لا يشوبه شك في دلالته على المقصود.
ب -التعبير الضمني عن الإرادة "هو التعبير الذي يعكس الإرادة بصورة غير مباشرة عقب استعمال الفكر في الإستنتاج والتفسير" مثل المكتري الذي يستمر في شغل العين المكتراة بعد انقضاء مدة عقد الكراء تعبيرا منه في إرادته تجديده.
ث - هل يعتبر السكوت تعبيرا عن الإرادة؟ للإجابة على هذا السؤال نميز بين لإيجاب والقبول.
السكوت كموقف سلبي لا يمكنه أن يدل على الإيجاب باعتباره موقف إيجابي يعرض للتعاقد، لكن السكوت يمكن إذا كان ملابسا أن يدل على القبول بطريقة ضمنية، وقد بين هذا الفصل 25.
ج -مدى مطابقة الإرادة الظاهرة للإرادة الباطنة هناك نظرية فرنسية تؤكد على أنه لإحترام مبدأ سلطان الإرادة لا بد أن نأخذ بالإرادة الباطنة، ونظرية ألمانية تؤكد أنه لإستمرار المعاملات نأخذ بالإرادة الظاهرة ما دامت الأخرى لا ترتب أثرا قانونيا، المشرع المغربي أخذ موقف وسط حيث اعتد كمبدأ عام بالإرادة الظاهرة حسب الفصلين 21 و 461 إلا أنه لم يتجاهل الإرادة الباطنة حسبما يتضح من عدة فصول ومنها الفصلين 22 و 462.
الفقرة الثانية: الإيجاب
هو تعبير عن إرادة منفردة بمقتضاه يعلن شخص عن إرادته الباثة في إبرام عقد معين مع تحديد شروطه الأساسية التي إن قبلها الشخص الموجه له الإيجاب انعقد العقد.
- يلزم أن يكون الإيجاب باتا : فلا يتحقق هذا الشرط كثيرا حيث يمكن قطعه في المعاملات كما لا يعتبر الإيجاب باتا إن علق على شرط أو قيد واقف.
- يلزم أن يتضمن الإيجاب شروط التعاقد الأساسية : فلا يشترط في الإياب أن يكون شاملا لكل تفاصيل العقد بل يكفي تضمنه لشروطه الأساسية ومع ذلك فهذا لا يمنع من زيادة شروط أخرى.
- يلزم أن يتصل الإياب بعلم الموجه إليه أي معلن عنه : يعتبر الإيجاب تصرفا قانونيا بإرادة منفردة هدفه إنشاء علاقة تعاقدية، لذلك يتعين لكي ينشيء هذه العلاقة أن يوجه لشخص آخر لكي يقبله (أنظر الفصل 18) ، كما يمكن الموجب مبدئيا التراجع عن إيجابه إن لم يقبله الطرف الموجه إليه أو لم يبدأ في تنفيذه حسب الفصل 26.
القوة الملزمة للإيجاب: كقاعدة عامة لا يكون ملزما حيث يمكن التراجع عنه عندما لا يتصل بالقبول (الفصل 26) لكن استثناءا يكون ملزما في أحوال وردت قانونا كالتالي:
- إن كان الإيجاب مقترنا بأجل للقبول يبقى ملتزما إزاء الطرف الأخر لحين انتهاء الأجل، فلا يتحلل من الإيجاب إلا إن لم يصله رد بالقبول في هذا الأجل( ف 29) .
- يستمر مقدم الإيجاب عن طريق المراسلة دون تحديد أجل للقبول ملتزما إلى الوقت المناسب لوصول رد المرسل إليه داخل أجل معقول مالم يتبين من الإيجاب عكس ذلك (الفصل 30 – الفقرة 1.)
- يكون الإيجاب ملزما لصاحبه حتى بعد موته أو حدوث نقص في أهليته إذا قبله الموجب له وهو يجهل ذلك(الفصل 31) .
- إن رفض الموجب له الإيجاب بشكل صريح أو ضمني كقبول الموجب له بشروط مغايرة الإيجاب مما تعتبر قانونا كإيجاب جديد (الفصل 27) .
- عند انتهاء أجل الإيجاب إن حدد دون قبوله (الفصل 29) .
- عندما ينفض مجلس العقد دون اقتران الإيجاب بالقبول (الفصل 23) .
- يسقط الإيجاب بوفاة الموجب أو فقدان أهليته مع علم الموجب له بذلك من قبل (الفصل31) .
هو تعبير عن الإرادة يقبل بمقتضاه الشخص الموجه إليه الإيجاب كل شروط الموجب ، فتتطابق الإرادتان وينشأ العقد المقصود، ويمكن أن يكون صريحا أو ضمنيا كما أسلفنا حسب الفصل 25.
- أن يصدر القبول والإيجاب لا زال قائما : أي صدور القبول في وقت يكون الإيجاب ملزم لصاحبه ، كأن يصدر قبل انقضاء أجل الإيجاب إن كان أجل ، وإن لم يكن يتم على الفور حتى بالهاتف (الفصل 23) , كما لا تعد له قيمة إن سقط الإيجاب قانونا كموت الموجب أو فقدان أهليته مع علم الموجب له.
- أن يكون القبول مطابقا للإيجاب تمام المطابقة : أي يأتي القبول الذي ينعقد معه العقد موافقا لكل الشروط التي وردت في الإيجاب حسب الفصل 28.
إن اكتمل الشرطين السابقين يقوم القبول منتجا لأثاره ليكتمل التراضي الذي يجعل العقد قائما مرتبا لكل الإلتزامات المتفق عليها.
1- تطابق إرادتي المتعاقدين الحاضرين في مجلس العقد مجلس العقد هو اجتماع الطرفين مباشرة في نفس المكان وانشغالهما بالتعاقد دون أن تفصل فترة زمنية بين صدور القبول وعلم الموجب به، لذا ينبغي أن يقبل الإيجاب فورا، فيكون وقت صدور القبول هو وقت انعقاد العقد ومكان انعقاده هو المكان الجامع بين العاقدين.
- التعاقد بالمراسلة : كالرسائل البريدية والتلكس والتلفكس ...
- التعاقد بواسطة وسيط أو سمسار.
- التعاقد بالهاتف : له ميزتين حيث يجمع حاضرين في نفس الزمان، وغائبين عن نفس المكان.
نتساءل عن وقت انعقاد العقد هل هو وقت وصول القبول وتسلم الموجب لهذا القبول، أم وقت علم الموجب بالقبول بعد وصوله له؟ ويكون هذا المكان هو مكان وجود الموجب.
- تحديد الوقت الذي لا يستطيع فيه الموجب أن يرجع عن إيجابه إن كان هذا الإيجاب غير ملزم.
- تحديد وقت ترتيب العقد لأثاره.
- تحديد تاريخ انطلاق سريان تقادم الإلتزامات المترتبة عن العقد.
- نفاذ أو عدم نفاذ العقود الصادرة عن تاجر أشهر إفلاسه.
- معرفة قانون البلد الواجب تطبيقه على العقد ، لأن العقد يخضع مبدئيا لقانون البلد الذي انعقد فيه.
- معرفة المحكمة صاحبة الإختصاص للفصل في النزاعات المترتبة عن تنفيذ العقد.
- نظرية إعلان القبول : يكون العقد تاما بين غائبين في مكان وزمان إعلان القابل عن قبوله .
- نظرية تصدير القبول : يكون العقد تاما في مكان وزمان تصدير القابل لقبوله .
- نظرية تسلم القبول : يكون العقد تاما في مكان وزمان تسلم الموجب للقبول .
- نظرية العلم بالقبول : يكون العقد تاما في مكان وزمان علم الموجب بالقبول.
وتوزعت هذه النظريات على عدة دول حيث كل دولة تأخذ بإحداها عدا فرنسا وقضاءها الذي ظل متذبذبا ؛ المشرع المغربي أخذ بنظرية إعلان القبول حسب الفصل 24 إلا أن الأستاذ عبد الحق صافي يرى بأنه يأخذ بنظرية تصدير القبول لورود عبارة "رد القبول" في الفصل السالف الذكر.
لكن هاته الشروط التي تجملها النظريات الأربع ليست من النظام العام حيث حسب الفصل 19 يمكن للمتعاقدين الإتفاق على مكان وزمان انعقاد العقد.
صحة التراضي
صحة التراضي تلزمها أهلية وعدم خلو العقد من عيوب الرضا.
الأهلية لغة هي الجدارة والكفاءة لأمر من الأمور وفي الإصطلاح القانوني هي قابلية الشخص لإكتساب الحقوق وتحمل الإتزامات ، ولممارسة التصرفات القانونية التي تمكنه من كسب الأولى وتحمل الثانية؛
- أهلية وجوب: تولد مع الإنسان منذ الولادة، وهي قابلية الشخص اكتساب حقوق وتحمل التزامات ولا علاقة لها بالتصرفات القانونية وتساير الإنسان لحين وفاته.
- أهلية أداء: وهي استطاعة الشخص أن يمارس بنفسه التصرفات القانونية التي قد تكسبه حقا أو تحمله التزاما بطريقة يعترف بها القانون.
حسب الفصول من 3 إلى 13 والمادة 209 من مدونة الأسرة فالأصل في الإنسان كمال الأهلية والإستثناء نقصانها أو انعدامها.
كمال الأهلية مبدأ ثابت لحين تبين العكس، ونعت الإنسان ب"الراشد" أي أنه بلغ سن الرشد القانوني أي صحة المعاملات والتصرفات التي يبرمها وتنفذ آثارها تجاه الأطراف طبقا للقانون، وعلى من يدعي العكس إثبات ذلك بنقصان الأهلية لإبطال العقد أو انعدامها لبطلان العقد ولا يقبل احتجاجه بعدم العلم حسب الفصل 10 ، وهي يحكمها قانون أحواله الشخصية طبقا للفصل 3 من ق.ل.ع، وقواعدها من النظام العام.
أ - حالة الصغير غير المميز: الذي لم يبلغ 12 سنة لذا فتصرفاته مصيرها البطلان سواء نافعة أو ضارة أو دائرة بينهما.
- التصرف النافع يخول من يباشره حقوقا ولا يحمله التزام أو مقابلة كالهبة دون عوض.
- التصرف الضار يحمل من يباشره التزاما دون تخويله حقوقا كالهبة دون عوض.
- التصرف الدائر بين النفع والضرر يحتمل بحسب نسبة الربح والخسارة.
ب - حالة المجنون: الجنون هو اضطراب في القوة العقلية يؤدي لفقدان التمييز والمجنون هو عديم العقل، وعرف العلماء الجنون على أنه "زوال الشعور من القلب، مع بقاء الحركة والقوة في األعضاء".
2- نقصان الأهلية وأثره على التصرفات القانونية حسب م.س في م 213 فهي 3 حالات سنتناول فقط حالتي السفيه والصغير المميز.
أ - حالة الصغير المميز: هو الشخص الذي بلغ سن التمييز 12 سنة ولم يكمل سن الرشد 18 سنة فهو يكتسب وعيا وإدراكا يميز القبيح من الحسن إلا أن عقله لم ينضج بعد.
ب -حالة السفيه: السفه هو تبذير وإضاعة المال بطريقة لا يحكمها العقل، والسفيه حسب م 215 من م.س هو المبذر الذي يصرف ماله فيما لا فائدة فيه وفيما يعده العقلاء عبثا، بشكل يضر به وبأسرته.
حكم تصرفات ناقص الأهلية : تختلف حسب نوع التصرف إن كانت من شأنها ترتيب
حقوق له أو إعفاءه من التزامات فهي صحيحة كالهبة
غير المثقلة حسب الفصل 5
تعتبر عديمة الأثر وباطلة إن كانت لا تغني
ذمته المالية في شكل تبرعات صادرة منه حسب الفصل 12.
وتصرفاته العوضية هو الجواز أو الإبطال لتصرفاته
كأصل.
وترد على هذه الأحكام العامة عدة استثناءات كما يلي:
- تعلق الأمر بالصغير المميز الذي بلغ 15 سنة على الأقل .
- اكتسابه لعالمات الرشد تبرهن على امتالكه قدرات إدراكية لا تتوفر لأقرانه في نفس السن.
وحسب م 226 من م.س تمنح المحكمة هذا الإذن له في التصرف في أمواله، ويمكن سحب الإذن منه طبقا لنفس المادة إن تبين خسارته الفادحة أو عدم حسن تصرفه في المال، ومعلوم أن تصرفاته خلال هذه المرحلة لا تسري بأثر رجعي إن سحب منه الإذن.
بلغ 16 سنة كاملة.
يطلب
الولي من المحكمة ترشيده إن أنس منه ذلك ويترتب عنه اكتسابه أهلية كاملة، ولا يمكن
ترشيده إلا إن تبث للمحكمة ذلك طبقا للمادة 218 من مدونة الأسرة.
قد يكون الشخص كامل الأهلية لكن قد يحصل ما يمنعه من مباشرة التصرفات القانونية بمفرده ك:
من قانون الإتزامات والعقود.
3 - العاهة أو العجز الجسماني الشديد لم يشر له المشرع المغربي لكن حسب الفصل 54 الخاص بحالة المرض والحالات المشابهة يمكن اتباع نفس التقنين المصري الذي يقضي بإبطال كل تصرف صادر عن من توفرت فيهم تلك الشروط وبدون مساعده القضائي إن عين له، حيث إن الشخص قد كون كامل الأهلية لكنه عاجز عن التعبير عن إرادته.
الفقرة الثانية : عيوب الرضا
لن يتم الرضا إذا كانت إرادة أي أحد من المتعاقدين مشوبة بأحد العيوب أسفله :
- في ماهية العقد : كأن يعطي أحد آخر شيئا على سبيل الإعارة فيظن الأخر أنه أعطاه له على سبيل الهبة.
- في محل الإلتزام التعاقدي : كما لو باع شخص
إحدى سيارتيه قاصدا الأولى بينما قصد المشتري الثانية.
- في سبب الإتزام التعاقدي كأن يلزم الشخص بإصلاح ضرر لم يكن مسؤولا عن إحداثه ظنا منه أنه المسؤول عنه فيظهر أن المسؤول غيره.
شروط المحل:
==> المبحث الرابع : بطلان العقود وابطالها